“وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم”
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾(1)
ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير معنى الآية السابقة من سورة الأعراف نوجزها في ما يلي:
جاء في كتاب الكافي للشيخ الكليني (أعلى الله مقامه الشريف): (2)
عن الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين “وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم؟ فقال نحن على الأعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله عز وجل إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يعرفنا الله عز وجل يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه. إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فإنهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به(3) ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع”.
من هم الأعراف؟
وورد في كفاية الأثر – الخزاز القمي(4)
حدثني علي بن الحسن، قال حدثني هارون بن موسى، قال حدثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن شيبان القزويني، قال حدثنا أبو عمر أحمد بن علي الفيدي(5)، قال حدثنا سعد(6) بن مسروق، قال حدثنا عبد الكريم بن هلال(7) المكي، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال سمعت فاطمة عليها السلام تقول: سألت أبي عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾(8) قال: هم الأئمة بعدي علي وسبطاي وتسعة من صلب الحسين، هم رجال الأعراف، لا يدخل الجنة إلا من يعرفهم ويعرفونه ولا يدخل النار(9) إلا من أنكرهم وينكرونه، لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم.
وجاء في مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) – محمد بن سليمان الكوفي(10)
عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾(11) قال: (هم) علي عليه السلام وجعفر وحمزة رضوان الله عليهم يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.
لماذا سمّي أهل البيت بالأعراف؟
وفي مقتضب الأثر للشيخ أحمد بن عياش الجوهري(12)
قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني أبي عن الحسن بن علي سجادة عن أبان بن عمر ختن آل ميثم، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي، فقال: جعلني الله فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم؟ قال: هم الأوصياء من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم الاثني عشر، لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه، قال: فما الأعراف جعلت فداك: قال: كثائب من مسك عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأوصيائك يعرفون كلا بسيماهم، فقال سفيان: أفلا أقول في ذلك شيئا ؟ فقال من قصيدة شعر:
أي ربعهم هل فيك لي اليوم مربع وهل لليال كن لي فيك مرجع
وفيها يقول:
وأنتم ولاة الحشر والنشر والجزاء وأتنم ليوم المفزع لأهول مفزع
وأنتم على الأعراف وهي كثائب من المسك رياها بكم يتضوع(13)
ثمانية بالعرش إذ يحملونه ومن بعدهم في الأرض هادون أربع(14)
الأعراف واسطة لمعرفة الله:
وورد في تفسير أبي حمزة الثمالي – أبو حمزة الثمالي- (رحمه الله ورفع مقامه) (15)
في ذكر الآية موضوع البحث ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾، حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحصين، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾ قال: هم الأئمة(16).
وعن الثمالي قال: سئل أبو جعفر: عن قول الله: ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾، فقال أبو جعفر: نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبب معرفتنا، ونحن الأعراف الذين لا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه، وذلك بأن الله لو شاء أن يعرف الناس نفسه لعرفهم، ولكنه جعلنا سببه وسبيله وبابه الذي يؤتى منه(17).
روى أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال ابن الكواء لعلي (عليه السلام): “يا أمير المؤمنين ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾. قال: نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن أصحاب الأعراف نوقف بين الجنة والنار، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه. وكان علي (عليه السلام) يخاطبه بويحك، وكان يتشيع، فلما كان يوم النهروان قاتل عليا (عليه السلام) ابن الكواء(18).
عليٌ صاحب الأعراف:
وفي تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي (رحمه الله تعالى):(19)
عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال: “أنا يعسوب المؤمنين وأنا أول السابقين وخليفة رسول رب العالمين، وأنا قسيم الجنة و النار وأنا صاحب الأعراف”(20).
وعن هلقام عن أبي جعفر عليه السلام قال: “سألته عن قول الله ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾ ما يعنى بقوله ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ قال: ألستم تعرفون عليكم عرفاء على قبايلكم ليعرفون(21) من فيها من صالح أو طالح ؟ قلت: بلى، قال فنحن أولئك الرجل الذين يعرفون كلا بسيماهم”(22).
وعن زاذان عن سلمان قال: “سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلى أكثر من عشر مرات: يا علي انك والأوصياء من بعدك أعراف(23) بين الجنة والنار لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه، ولا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه”(24).
وعن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية ﴿وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ﴾ قال: “يا سعد هم آل محمد عليهم السلام لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه(25).
1– الأعراف:46.
2– ج 1 – ص 184.
3– يعنى ليس كل من اعتصم الناس به سواء في الهداية ولا سواء فيما يسقيهم بل بعضهم يهديهم إلى الحق والى طريق مستقيم ويسقيهم من عيون صافية وبعضهم يذهب بهم إلى الباطل والى طريق الضلال ويسقيهم من عيون كدرة كما يفسره فيما بعده، يفرغ أي يصب بعضها في بعض حتى يفرغ (في).
4– ص 194 – 195
5– في ط، م ” العبدي ” وفي ن ” العيدي “.
6– في ط، ن، م: علي بن سعد بن مسروق.
7– في ن، ط، م بعد هلال ” بن أسلم “.
8– الأعراف: 46.
9– في ن ” النار ” ساقط.
10– ج 1 – ص 158.
11– 46 / الأعراف: 7.
12– ج 1 – ص 158.
13– تضوع المسك: انتشرت رائحته.
14– أخرجه في البحار ج 9 ص 396 مختصرا.
15– ص 169 ? 170.
16– بصائر الدرجات: ج 10، باب (16) في الأئمة أنهم هم الذين ذكرهم الله يعرفون أهل الجنة والنار، ح 2، ص 496. في الصواعق المحرقة، ص 169: قوله تعالى: * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) * أخرج الثعلبي في تفسير هذه الآية عن ابن عباس أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين، يعرفون محبيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.
17– تفسير العياشي: ج 2، ح 48، ص 19.
18– الخرائج والجرائح: ج 1، الباب الثاني في معجزات أمير المؤمنين (عليه السلام) ذيل ح 10، ص 177.
19– ج 2 – ص 17 ? 18.
20– البحار ج 3: 389. البرهان ج 2: 20.
21– وفى نسخة البرهان (ليعرفوا) وفى البحار (ليعرف).
22– البحار ج 3: 389. البرهان ج 2: 20.
23– قال الطريحي: قوله تعالى (وعلى الأعراف اه) أي وعلى أعراف الحجاب وهو السور المضروب بين الجنة والنار وهي أعاليه، جمع عرف مستعار من عرف الفرس و الديك.
24– البحار ج 3: 389. البرهان ج 2: 20. الصافي ج 1: 579.
25– البحار ج 3: 389. البرهان ج 2: 20. الصافي ج 1: 579.