“وكأين من نبي قاتل معه ربيون”
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ ﴾(1)
ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية المذكورة، نوجزها في ما يلي:
ورد في تأويل الآيات لشرف الدين الحسيني (أعلى الله مقامه):(2)
عن ابن طاووس في (سعد السعود) باسناد متصل إلى أبي عمرو بن العلاء عن الشعبي، قال: انصرف علي بن أبي طالب عليه السلام في وقعة أجد وبه ثمانون جراحة يدخل فيها الفتائل، فدخل عليه النبي صلى الله عليه وآله وهو على نطع، فلما رآه بكى وقال: إن رجلا يصيبه هذا في سبيل الله، لحق على الله أن يفعل به ويفعل به. فقال علي عليه السلام مجيبا له وبكى: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك، ولا فررت، ولكن كيف حرمت من الشهادة. فقال: إنها من ورائك إن شاء الله! ثم قال: إن أبا سفيان قد أرسل يوعدنا ويقول لي: بيننا وبينكم حمراء الأسد(3) فقال علي عليه السلام: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أرجع عنك ولو حملت على أيدي الرجال، وأنزل الله عز وجل ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾(4).
وورد في سعد السعود للسيد ابن طاووس (رحمه الله):(5)
عن محمد بن جعفر قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا عقيل بن أحمد قال حدثنا أبو عمر وابن العلاء عن الشعبي انصرف علي بن أبي طالب (ع) من وقعة (أحد) وبه ثمانون جراحة تدخل فيها الفتائل فدخل عليه رسول الله (ص) وهو على نطع رآه بكى وقال إن رجلا تصيبه هذا في سبيل الله لحق على الله ان يفعل به ولفعل، فقال على مجيبا له وبكى ثانية وأما أنت يا رسول الله، الحمد الذي لم يرني وليت عنك ولا فررت ولكني كيف حرمت الشهادة فقال له (ص) إنها من ورائك إن شاء الله ثم قال له النبي صلى الله عليه وآله إن أبا سفيان قد أرسل يوعدنا ويقول ما بيننا وبينكم الأحمر الأسد فقال علي (ع) لا، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أرجع عنهم ولو حملت على أيدي الرجال فأنزل الله عز وجل: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾.
ورد في الاختصاص للشيخ المفيد (قدس الله نفسه الزكية):(6)
قال ابن دأب: فكان يحمل الوسق فيه ثلاث مائة ألف نواة، فيقال له: ما هذا؟ فيقول: ثلاث مائة ألف نخلة إن شاء الله، فيغرس النوى كلها فلا تذهب منه نواة ينبع وأعاجيبها(7). ثم ترك الوهن والاستكانة، أنه انصرف من أحد وبه ثمانون جراحة يدخل الفتائل من موضع ويخرج من موضع فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله عائدا “وهو مثل المضغة على نطع(8) فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله بكى فقال له: إن رجلا “يصيبه هذا في الله لحق على الله أن يفعل به ويفعل، فقال مجيبا” له وبكى: بأبي أنت وأمي الحمد لله الذي لم يرني وليت عنك ولا فررت، بأبي وأمي كيف حرمت الشهادة؟ قال: إنها من ورائك إن شاء الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبا سفيان قد أرسل موعدة بيننا وبينكم حمراء الأسد، فقال: بأبي أنت و أمي والله لو حملت على أيدي الرجال ما تخلفت عنك، قال: فنزل القرآن ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾(9) ونزلت الآية فيه قبلها ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾(10).
1– آل عمران/146.
2– ج 1- ص 123 ? 124.
3– في الأصل: الأسل، وما أثبتناه هو الصحيح، وحمراء الأسد موضع على ثمانية أميال من المدينة، إليه انتهى النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد تابعا للمشركين، راجع مراصد الاطلاع: 1 / 424.
4– سعد السعود: 112 وعنه البحار: 36 / 26 والحديث نقلناه من نسخة (أ).
5– ص 112.
6– ص 158.
7– كذا.
8– النطع – بكسر النون وفتحها وسكون الطاء ومحركة وبكسر النون وفتح الطاء -: بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب.
9– آل عمران/146.
10– آل عمران/144.