المدَّة التي استغرقتها رحلةُ المعراج
المسألة:
كم هي الفترة التي غابها الرسولُ الأعظم (ص) عن مكَّة ليلةَ المعراج؟
الجواب:
أفادت الرواياتُ أنَّ معراجَه الشريف لم يستغرقْ من الوقت أكثرَ من الليلة التي عُرجَ به فيها، فما طلع الفجرُ إلا وهو في مكَّةَ الشريفة، ويَظهرُ من عددٍ من الروايات أنَّ الإسراءَ والمعراج لم يكن مِن أول الليل بل كان بعد مضيِّ وقتٍ منه كما يُستفاد ذلك ممَّا ورد من أنَّه كان نائمًا فأيقظَه جبرئيل أو هو ومعه ميكائيلُ وإسرافيل ثم حُمل على البُراق فأُسري به، وفي تفسير العياشي: عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنَّ رسولَ الله (صلَّى الله عليه وآله) صلَّى العشاءَ الآخرة، وصلَّى الفجرَ في الليلة التي أُسري به بمكة”(1).
ومفاد هذه الرواية أنَّه لم يطلع الفجر إلا وهو بمكَّة كما يظهرُ منها أنَّه لم تُدركه فريضةٌ وهو في معراجِه إذ إنَّ الإسراءَ قد وقع بحسب الرواية وكان النبيُّ (ص) قد صلَّى العشاءَ الآخرة، وعليه فمقتضى ذلك هو أنَّ ما ورد في بعض الروايات من أنَّه لمَّا حضرت الصلاة في السماء ليلةَ المعراج صلَّى النبيُّ (ص) بالملائكة والنبييِّن بعد أذَّن له جبرئيل وأقام كمعتبرة زرارة أو الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما أُسري برسولِ الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء فبلغ البيتَ المعمور وحضرت الصلاةُ فأذَّن جبرئيلُ وأقام، فتقدَّم رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله)، وصفَّ الملائكة والنبيُّون خلفَ محمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله)”(2).
مقتضى الجمع بين هذه الروايات ورواية العياشي هو أنَّ الصلاة التي صلَّاها النبيُّ بالملائكة والنبيِّين كانت قد فُرضتْ عليه في السماء أو أُمر بها هناك ولم تكن من الفرائض اليوميَّة، ولعلَّ ذلك – لو كانت من الفرائض اليومية- قد وقع في معراجٍ آخر، فقد ورد في بعض الروايات إنَّ معراج النبيِّ إلى السماءِ قد وقعَ له مرارًا.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
1– تفسير العياشي – محمّد بن مسعود العياشي: ج2 / ص379.
2– الكافي – الشيخ الكليني: ج3 / ص302.