الحدُّ الذي انتهى عنده معراجُ النبيِّ (ص)
المسألة:
ما هو حيِّز معراجِ الرسول الأعظم (ص) في أحاديث المعصومين (ع)؟
الجواب:
لم تتصدَّ الرواياتُ الواردةُ عن الرسولِ الكريم (ص) وأهل بيته (ع) – بحسب المقدار الذي وقفتُ عليه- إلى بيان ماهو الحدِّ الأقصى الذي بلغه الرسولُ الكريم (ص) ليلة المعراج بل أشار العديدُ منها إلى ما يظهر منه تعمُّد الإبهام لذلك، ففي العديد من الروايات ورد ما يقربُ من معنى أنَّه بلغَ إلى ما شاءَ اللهُ أنْ يبلغَه وأراهُ من نور عظمتِه ما أحبَّ، ومثل هذه العبائر يظهر منها تعمُّد الإيهام، بل إنَّ تعمد الإبهام قد يكون هو الظاهر من آيات الإسراء والمعراج كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾(1) فهي قد أجملتْ ما كان قد رآه النبيُّ (ص) من آيات ربِّه واقتصرت على وصفها بالكبرى والتي هي من صيغ التفضيل، فالكبرى تعني الأكبر، فالآياتُ التي رآها النبيُّ (ص) ليلة المعراج كانت من أكبر آياتِ الله تعالى لكنَّه لم يتضح لنا هوية تلك الآياتِ ومداها.
فالحدُّ الأقصى الذي بلغَه النبيُّ (ص) ليلة المعراج لم يتصدَّ القرآنُ والروايات لبيانِه، وغاية ما أفادته الروايات وأشار إليه القرآن أنَّ جبرئيل (ع) قد طاف بالنبيِّ الكريم (ص) أرجاءَ السماواتِ السبع وبلغ به سدرة المنتهى ودخل معه إلى جنة المأوى وعاين أنهارها وأشجارها وقصورها وأفنيتها وأكلَ من شجرة طوبى، وأطلعَه على طبقاتِ جهنم، وورد في بعض الروايات أنَّه رأى عرش الجليل جلَّ وعلا ورأى حملة العرش وورد أنَّه بلغ موضعًا تخلَّف عنده جبرئيل (ع) وتقدَّم فيه النبيُّ (ص) وسار فيه ومشى إلى ما شاء الله له ذلك ثم عاد إلى حيثُ الموضع الذي تخلَّف عنده جبرئيل (ع).
نعم ورد في رواية الاحتجاج عن عليٍّ أمير المؤمنين (ع) أنَّه قال: “إنَّه أُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرةَ شهر، وعُرِج به في ملكوتِ السماوات مسيرةَ خمسين ألف عام، في أقلَّ من ثلث ليلةٍ، حتَّى انتهى إلى ساق العرش”(2) لكنَّ مقتضى الجمع بين هذه الرواية ورواياتٍ أخرى أنَّ ساق العرش ليس هو مُنتهى ما بلغَه النبيُّ (ص) ليلة المعراج وإنَّما هو من المواضع التى انتهى إليها أي وصلَها.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
1– النجم/18.
2– الاحتجاج – الشّيخ الطّبرسيّ: ج1 / ص327.